القائد القادر على التركيز

ن التركيز هو أهم مكونات الذكاء العاطفي. وتشير أبحاث علم الأعصاب إلى أن البشر قادرون على التركيز بطرق مختلفة اعتمادًا على الغرض؛ ومن ثم يمكن تصنيف هذا التركيز لفئات فرعية وهي التركيز على الذات، والتركيز على الآخرين، والتركيز على العالم الأوسع. وأول نوعين (التركيز على الذات والآخرين) يشكلان الأساس الذي يقوم عليه الذكاء العاطفي، أما التركيز على العالم الأوسع فمن شأنه تعزيز القدرة على الإبداع، ووضع الإستراتيجيات المبتكرة، وإدارة المنشآت.

ولتحسين التركيز على الذات، يتعين على القادة تطوير إدراكهم الذاتي والتواصل مع أنفسهم بصدق. ويجب أن تكون لديهم القدرة على قراءة إشاراتهم الفسيولوجية (العلامات الجسدية أو Somatic Markers)، حتى يتمكنوا من إحداث التوازن بين اتباع حدسهم الداخلي واستخدام التحليلات المنطقية لاتخاذ القرارات الصائبة. ولتحسين إدراك الذات، يتعين على القادة ممارسة تأمل الذات وضبط النفس.

القادة القادرون على التركيز على الآخرين يتسمون بالتفهم والقدرة على بناء العلاقات الاجتماعية، حيث يجدون أرضية مشتركة بسهولة للتواصل، ويهتم الجميع بآرائهم ويرغب الآخرون في العمل معهم. ويتطلب هذا النوع من التركيز إظهار ثلاثة أنواع من القدرات الذهنية وهي: التعاطف الإدراكي، والتعاطف الشعوري والاهتمام العاطفي. فالقادة، الذين يفشلون في تحويل انتباههم نحو الآخرين، يميلون دائمًا إلى تجاهل الأفكار الذكية التي يقترحها مرؤوسوه.

القادة الذين يركزون على العالم الأوسع ليسوا فقط مستمعين جيدين بل مستكشفين جيدين أيضًا. وهم أصحاب رؤية ثاقبة، حيث يمكنهم استشعار نتائج قراراتهم والتنبؤ بالنتائج المستقبلية للخيارات التي يتخذونها اليوم. فهم يستخدمون “نظرية الأنظمة” في التفكير والتي تركز على كافة مكونات النظام وعلاقاتها ببعضها البعض ومدى توافقها مع الأنظمة الأخرى، ويميلون دائمًا نحو الابتكار والتجديد، لذلك يكونون أكثر قدرة على اتخاذ قرارات شاملة.

وعلى القادة تنمية وتطوير هذا الثالوث من الإدراك بصورة متوازنة، فالفشل في التركيز على الذات يترك المرء بلا هدف، والفشل في التركيز على الآخرين يجعل المرء بلا وعي، أما الفشل في التركيز على العالم الخارجي فيجعل المرء جاهلًا بما يحدث حوله، ويمكن تطوير كل شكل من أشكال التركيز من خلال تدريب دوائر الانتباه بالمخ للحصول على النتائج المرجوة، أو كما وصفها جولمان: “تعلم كيف تتحكم في انتباهك، وسوف تحقق كل الأهداف التي تركز عليها أنت ومؤسستك”.

المرجع:

جولمان، دانيال. “القائد القادر على التركيز” Harvard Business Review, 20 Dec. 2018, hbr.org/2013/12/the-focused-leader

– كُتب لـ LEADIN

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *